الأحد، 28 ديسمبر 2008

لا تخبئ عني رقمك

حاولت ان اتحرى عن عدد الذين يموتون كل يوم ، فبدى لي انها مهمة صعبة جدا فكيف لي ان اعرف ذلك ؟ ما هو رقمك في عدد الموتى عزيزي المتوفي – مع احترامي للموت والموتى- ؟هل ينتمي رقمك لمن يموتون بسبب التدخين ؟ام ان رقمك ينتمي الى مجموعة الذين يتناولون كمية زائدة من الدهون؟ او قد تنتمي لمجموعة الذين يموتون من الجوع والفقر والمرض؟
دعوني اخبركم عن الذين يموتون وهم لا يعرفون ...يستيقظون صباحا ، يرتدون ملابسهم اذا كان من مجموعة الاباء فسيفكر كيف يعيل ابناءه ويحقق لهم احلامهم ، اما اذا كانت اما فأنها ستحلم بعرس اولادها وبناتها ، اذا لم ينتمي الى مجموعة المتزوجين فانه سيحلم في اكمال نصف دينه وانشاء الاسرة..كلهم لا يعلمون انهم سيكونون رقما يشكل احصائيات العالم خاصة اذا كانوا ممن يعيشون في العراق او فلسطين.
نعم كلنا لا نعرف اين نهايتنا ومتى ؟لكن سكان العراق وفلسطين اصبحوا من افراد تلك المجموعة التي لاتحلم ، لان بامكانها ان تعرف بانها بين لحظة واخرى ستفارق الحياة ولن تتحقق امنيات الامهات بالاعراس على الاقل ليس قريبا ، لكنهم سيحققون لابناءهم حلما واحدا سيصبح عرسهم الى الابد ...عرس التحرير ... عرس الحرية والكرامة ..
فلا تخبئ عني ما هو رقمك ، لانني اريد حفظه ، لاني اريد ان ادقه على جسدي باللون الذي تعوده الجسد ..لا تخبئ رقمك عني لانني اريد ان اعلمه لأولادي .. لأحفادي .. للبشرية.

الخميس، 25 ديسمبر 2008

تجلدي بالصبر عند المآسي ...


لا ادري ان كنت قد اخبرتكم انني قد تخرجت من مدرسة الموسيقى والباليه وكنت اعزف على الة الفلوت ..احب هذه الالة لكن كنت اتمنى لو انني درست الة شرقية قريبة على القلب اكثر مثل الة الناي لانني لست اشابه الاخرين في انهم يعتقدون ان العود لامثيل له ويريدون تعلمه ...فما بال الناي؟
و على اثر هذه الدراسة كنت انتقي كل ما اسمعه بحذر .،فانا ابحث في الاغنية عن اللحن قبل الكلمات والتوزيع قبل من يغني هذه الكلمات ، كما ان ابي لم يسمح لنا ان نستمع الى اي نوع من الموسيقى في المنزل لانه كان لحسن حظنا موسيقيا ايضا ، لكنه يميل الى الموسيقى الكلاسيكية لانه درسها في بريطانيا ..اما امي فإنها لم تكن موسيقية كبقية افراد العائلة لكنها كانت تشعر باي خطأ يصدر عن المغني وتقول " ها ..مو نشز" فيضحك ويقول لها : نعم فتجيبه " لا والله والله مو نشز اونشزت " طبعا كلمة نشز باللغة الموسيقية تعني بان المغني خرج عن التون او النوطة او النغم – سموه ما تشاؤوا – وعندما جئت الى البلد الجار اصبحت كل الاغاني العراقية التي ينشزون فيها تعجبني المهم انها تحمل الايقاع العراقي " الردح" او المآسي و المواويل ومما ساعد على ذلك ان والدي كان لايزال على تراب الوطن الحبيب فلم تعد هنالك تلك المراقبة على ما يتم الاستماع اليه في المنزل .
انا لا اريد ان اطيل عليكم ، في يوم من الايام – ترة هاي مو قصة ليلى والذئب - بدات البحث عن اغنية وطنية تغذي روحي فأخذني وسواسي الى نسيان الاغنية الوطنية والبحث عن اغنية خليجية لانني من المعجبين جدا بالاغنية الخليجية فأتفاجا بمهند محسن واصيح فرحا " ياي مهند محسن " فالتفتت علي اختي وسالتني باستغراب فيما اذا كنت اره للمرة الاولى ؟ فاجبتها بانني كنت ابحث عن اغنية وطنية فلم اتوقع ان اجد بعد وساوسي مهند محسن فتذكرت اغانيه الوطنية والجوبي ، لكن هذه الاغنية كانت مميزة استمعت اليها ودون ان اشعر بدات بالبكاء وكأنني في علاقة عاطفية محزنة في طريقها الى الانتهاء :
انسيني احسنلك وانا احسنلي انساك ..
انت وانا ان ما نسينا نقاسي..
لا صار قلبي لموانيك مرسى ..
اكيد ما لك في محيطي مراسي ..
كانت احلى من احلى اغنية وطنية فقد تحول فجأة صوت مهند محسن وكان جسر الجادرية يداعب مسمعي ،اما في المقطع الثاني للاغنية فشعرت بان بيتنا في حي القادسية يتلبس الكلمات :
ان ما جفاك الوكت لابد يقسى..
تجلدي بالصبر عند المآسي..
احلامنا ياخرسة العين خرسا ..
ان ما لزمنا الصمت صار التباس..
في المقطع الثالث والذي كان الاخير كان الوضع مختلفا فقد كنت اشعر بان الهواء والماء والتراب والغيم.. كل ما في السماء وعلى الارض يخاطبني ب :
لك في عيوني عن عنا الوكت منسى ..
حتى المحبة قدرها فوك راسي..
لا لا تكولي كيف وشلون ننسى ..
ان ما حصل نسيان يحصل تناسي ..

لن انساك يا جسر الجادرية لن انساك يا رفيقي ، لن انساك يا منزلي ، لن انساك يا وطني .. ترابي ..يا غيمي .. لن انساك يا سماءي .. ساتجلد بالصبرعند المآسي ففي حبنا لن يكون هنالك التباس ابدا .
شكرا يا مهند محسن واسفة يا كاتب الكلمات والملحن لانني لم استطع الحصول على اسماءكم .





الأربعاء، 24 ديسمبر 2008

و تلحفت السماء ..


من منا لم يحلم بمغادرة وطنه بحجة البحث عن مستقبله الضائع على ترابه ..من منا؟؟
لا استطيع ان افرض هذا الشعور على الاخرين ولكن هذا ما كنا نتحدث عنه في الجامعة و خاصة مع الزملاء الذين لهم اخوة او اخوات خارج الوطن ..ونتنهد في داخلنا سياتي يوما نكون فيه في الخارج ..فانقاد مع احلام اليقظة الى الاوطان الاحلى والاكثر تطورا والتي سترسم لي ولنا افقا جديدا نحو مستقبل مشرق …و سأتحدث الانكليزية بطلاقة وقد تراودني احلاما باللغة الانكليزية – لست متأكدة من ذلك ولكني احلم – ماذا عنكم؟؟
ما ان غادرت وطني ،شعرت بانني غادرت كل اوطاني ولم اعد اهتم بالحلم باللغة الانكليزية ولا مستقبلي المشرق ،حتى انني لم اعد متاكدة من انني اريد مستقبلي اصلا لم يعد يهمني سوى العودة.
غادرته ..وغادرت احلامي .. فاصبحت احلم بطريقة متواضعة : ورد حديقتنBoldا التي لم اهتم بها كثيرا ، جيراننا والمغربية على المرجوحة ،دكان ابو لؤي وفلافل ابو قتيبه وطبعا مكتبة كانون …
نعم تغير كلانا ، اصبحت اتساءل هل سيتحدث اولادي اللهجة العراقية ؟ هل سأشتري لهم العابا من محل الجيلاوي ؟ هل سنبيت في غرفتي ؟ سيلعبون في الحديقة ؟ سيركضون في المنزل ليصيح بهم ابي " على كيفكم لاتركضون " ؟ سيترجوني من اجل الذهاب الى دكان ابو لؤي؟ ابو لؤي هل انت على قيد الحياة؟

سعيدة ومرتاحة ولي مستقبل وساصبح امآ (انشاء الله)… نعم تحقق بعضها ، ساعطي الناي للسيدة فيروز – اطال الله عمرها – وسأغني وسأنسى كل داء ودواء .. فانا اسكن الغابه دوما ،لكني تلحفت السماء ..سماء وطني .. سماء اوطاني .. سماء الله.

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2008

في الطريق الى المدرسة

لا استطيع ان اصف لكم المرات التي كتبت فيها في حياتي على الورق او حتى على" الورقة الوهمية " التي على جهاز الكومبيوتر " المحمول " كما تطلق عليه لجنة التعريب، إلا ان هذه المرة مختلفة كثيرا على الاقل بالنسبة لي لانني قررت ان ازعج الاخرين من خلال تطفلي في الانضمام اليكم وانشاء مدونتي الخاصة العامة كما احب ان اطلق عليها .
اولآ قررت ان اكتب لكن الأصعب كان اختيار اول ما سأنشره لكي تتعرفوا إلي ، فقررت بعد ان تشاورت مع رفيقتي الجديدة " الورقة الوهمية " انني ساكتب عن مدى صعوبة المرة الاولى في كل شيء ،رغم اننا نمر في حياتنا بمرات اولى دائما.. كالنطق بكلمة ماما مرورا بالوقوف لاول مرة وسماع تصفيق المحيطين بنا وتشجيعهم لنا لتعلم السير.
ما بقي عالقا في الاذهان - على الاقل عندي - هو الذهاب الى المدرسة للمرة الاولى ،من منا لم يحلم بالذهاب الى المدرسة ،ومن منا لم يندم على هذا الحلم ويكره حمورابي لانه اخترع المدرسة ؟؟
بقدر ما كان الذهاب الى المدرسة للمرة الاولى مشوقا بقدر ما كان صعبا، وذلك لان هذا الشعور رافقني من الصف الاول الابتدائي وحتى هذه السنة التي انهيت فيها دراسة الماجستير.
حرقة في المعدة ، مغص ، ارق ،توتر ، طرح اسئلة كثيرة ، ازعاج الاخرين هذه هي اعراض الذهاب الى المدرسة لاول مرة لكن المميز في الموضوع اننا نكون في ابهى حلتنا للذهاب اليها ولكننا لم نناقش ذلك في وقتها لاننا لم نكن ندرك ما هي المدرسة وما ستقدمه لنا باستثناء اننا سنتلقى المعرفة والعلم فيها ، وهذا ما كانوا يقولونه لنا(الاهل طبعا) لزيادة الشغف بها.
اليوم....وبعد 21 سنة استنتج انني لم اكن اعيش حالة رهبة اول يوم في الذهاب الى المدرسة او الجامعة ،وإنما كنت احاول استذكار ذاك الشعور اللطيف في عقل طفلة في السابع من عمرها وهو ماذا ساصبح عندما اغادر مدرستي ؟
هنا تكمن الرهبة وليس الذهاب الى المدرسة للمرة الاولى ، فشكرا مدرستي على ما انا عليه اليوم .. شكرا مدرستي واعذري تأخري واغفري تقصيري.